الإسلاميون يرفضون وضع الدستور قبل الانتخابات البرلمانية

 مصر.. الإسلاميون يرفضون وضع الدستور قبل الانتخابات البرلمانية
تستعر في مصر هذه الأيام معركة بين مجموعة من الأحزاب والقوى المدنية من جهة وجماعة «الإخوان المسلمين» وحركات إسلامية من جهة أخرى، حول خريطة طريق المرحلة الانتقالية. وفي وقت تطالب أحزاب المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد بوضع الدستور قبل الانتخابات، يتمسك الإسلاميون بإجراء الانتخابات البرلمانية في أيلول (سبتمبر) المقبل، على أن يختار البرلمان لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد.
ونشطت «الجبهة الحرة للتغيير السلمي» في جمع توقيعات المواطنين على بيان «الدستور أولاً»، وهي حملة تهدف إلى جمع 15 مليون توقيع من أجل تقديمها إلى المجلس العسكري لدفعه إلى إرجاء الانتخابات. وأصدرت 24 منظمة حقوقية بياناً مشتركاً أمس دعت فيه المجلس إلى «إعادة النظر في ترتيب أولويات المرحلة الانتقالية، بما يضمن إعطاء الأولوية لإعداد دستور جديد للبلاد، تجرى بعده الانتخابات الرئاسية والنيابية».
واعتبرت أن «الاستجابة لمطلب الدستور أولا يشكل خطوة منطقية يقتضيها الانحياز المعلن من جانب القوات المسلحة لمشروعية الثورة».
لكن الإسلاميين الذين احتشدوا لدعم تعديلات دستورية أقرت في آذار (مارس) الماضي توكل مهمة اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور إلى البرلمان، عارضوا حملة «الدستور أولاً» واعتبروها «التفافاً على إرادة الشعب». وتعهدوا التصدي لها، ولو من خلال جمع توقيعات مضادة.
وتتخوف قوى سياسية من حصول الإسلاميين على الغالبية في الانتخابات المقبلة، ما يضمن لهم الاستئثار بوضع الدستور الجديد للبلاد. وقال نائب مرشد «الإخوان» الدكتور رشاد بيومي لـ «الحياة» إن «حملة جمع توقيعات لإعداد الدستور أولاً تمثل التفافاً على إرادة الأمة التي عبر عنها الاستفتاء على التعديلات الدستورية».
وتساءل: «هل نهدم الثورة بأيدينا؟ جرى استفتاء حر ونزيه وللمرة الأولى يعبر المصريون عن آرائهم من دون تزوير، فكيف نغير هذه الإرادة بعد أشهر؟». واعتبر هذه المطالبات «نوعاً من المزايدة والتخطيط الخفي الذي لا نعلم مؤداه».
واستغرب المطالبة بإجراء استفتاء شعبي جديد على وضع الدستور أولاً، منتقداً الحديث عن سيطرة الإسلاميين على البرلمان المقبل. وقال: «أقسمنا أننا لا ننازع على سلطة وكل تحركاتنا واضحة المعالم ومددنا أيدينا للأحزاب والقوى الليبرالية لوضع قائمة موحدة لخوض الانتخابات، وهذا التحرك كان بمبادرة ذاتية من الإخوان، فماذا نفعل أكثر من ذلك؟».
وأشار إلى أن «الإخوان يسعون إلى التقاء كل القوى السياسية على كلمة سواء لما فيه مصلحة البلد والبعد عن المصالح الآنية والخاصة... إذا تمت الموافقة على وضع الدستور أولاً، فمن يختار اللجنة التأسيسية، هل يعينها المجلس العسكري أم ينتخبها الشعب؟ كل هذه نقاط خلافية سيضيع فيها وقت وجهد كبيرين من دون جدوى».
وقال: «إذا حصل الإخوان على غالبية برلمانية، فماذا سيقولون في الدستور الجديد، هل سنضع دستوراً للإخوان... نحن معنيون فقط بالتأكيد على أن الإسلام هو دين الدولة والشريعة هي مصدر التشريع، وتخوفهم لا محل له». وأضاف: «لا رأي بعد رأي الشعب»، منتقداً الضغط على المجلس العسكري «فكل فصيل له وجهة نظره وفي النهاية الشعب قال كلمته ونحن ملتزمون برأي الشعب ولن نرضى عنه بديلاً». 
ووصف عضو مجلس شورى «الجماعة الإسلامية» الدكتور ناجح إبراهيم حملة «الدستور أولاً» بأنها «انقلاب على الاستفتاء وإلغاء لفكرة الديموقراطية، وإذا نفذت فلن تكون هناك ديموقراطية في مصر، لأنه لو انتخب حاكم له توجه إسلامي سيتم الانقلاب عليه من هؤلاء»، متسائلاً: «هل الليبراليون أفهم من الشعب أم أوصياء عليه؟».
وقال لـ «الحياة»: «نحن مع الغالبية الشعبية التي عبر عنها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، لكن العلمانيين يريدون الانفراد بوضع الدستور الجديد حتى يضمنوه نصوصاً تضمن إقصاء الإسلاميين من العمل السياسي». وتساءل: «هل تعرف الدول الديموقراطية حملات جمع التوقيعات أم تحتكم إلى صندوق الانتخابات؟ يمكننا جمع ملايين التوقيعات للمطالبة بإجراء الانتخابات أولاً، لكن هذا الاستقطاب مضر جداً ولا داعي له».
واستغرب الحديث عن أن الإسلاميين وحدهم جاهزون لخوض الانتخابات، قائلاً: «هل الإسلاميون استعدوا للانتخابات وهم في السجون. ووجهنا بضغوط جمة في عهد حسني مبارك وتضييقات وصلت إلى حد الزج بنا في السجون في وقت منح الليبراليون حرية الحركة، فمن كان الأقدر على الاستعداد والانتشار في الشارع؟». وأضاف: «حجتهم واهية وهم لا يمثلون إلا أقلية لا تتفاعل مع الناس ولا تنزل الشارع، يريدون أن يظلوا قابعين في أماكنهم وإنفاذ إرادتهم». وحذر من زيادة الضغط على المجلس العسكري، معتبراً أن «القوى الليبرالية تضغط على المجلس العسكري وتكاد تجبره على النزول عند رغبتها، ولو فعل ذلك لدق أول مسمار في نعش الثورة والديموقراطية».
في غضون ذلك، اعتمد النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود أمس ملف استرداد رجل الأعمال المقرب من الرئيس المخلوع حسين سالم المطلوب على ذمة اتهامات بالفساد، بعدما ألقي القبض عليه في إسبانيا. ونسق مع وزارة الخارجية التي أرسلت الملف على الفور إلى السلطات الإسبانية.
وأعلن الناطق باسم النيابة العامة المستشار عادل السعيد، أن «الملف يتضمن صورة كاملة من تحقيقات النيابة والجرائم التي ارتكبها سالم، والأدلة التي توصلت إليها، وأمر الإحالة الصادر ضده، وقائمة أدلة الثبوت، ومواد قانون العقوبات التي سيحاكم بها أمام محكمة جنايات القاهرة، ومواد اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تعد سنداً للتسليم، وصورة جواز السفر المصري للمتهم وشهادة تحركاته التي تفيد سفره من مصر مرات عدة منذ العام 2005 وحتى 2011 بجواز السفر المصري باعتباره مواطناً مصرياً، وذلك لإثبات أن حصوله على الجنسية الإسبانية تم بالمخالفة للقانون الإسباني الذي يحظر ازدواج الجنسية».
وذكرت وكالة «رويترز» أن الشرطة الاسبانية جمدت أصولا بالملايين في صورة حسابات بنكية وعقارات وسيارات فاخرة لسالم، الذي مَثُلَ أمس أمام محكمة في مدريد لمواجهة تهم بالفساد. واعتقل سالم مساء أول من أمس بموجب مذكرة اعتقال دولية، للاشتباه في إهداره المال العام من خلال بيع الغاز لإسرائيل بأقل من أسعار السوق. واعتقل أيضاً ابن سالم وأحد مساعديه.
وقالت الشرطة الإسبانية في بيان إن المسؤولين جمدوا أصولاً تتجاوز 32.5 مليون يورو (46 مليون دولار) نقداً، وكذلك عقارات في مدريد وماربيا بقيمة عشرة ملايين يورو وخمس سيارات فارهة. وأشارت إلى انه متهم بتبييض الأموال والاحتيال والرشوة والفساد في تعاملات تجارية دولية. وذكرت وسائل إعلام محلية أن سالم يحمل الجنسية الاسبانية

تعليقات